بِغَيرِكَ رَاعِياً عَبِثَ الذّئَابُ | وَغَيرَكَ صَارِماً ثَلَمَ الضِّرَابُ |
وَتَمْلِكُ أنْفُسَ الثّقَلَينِ طُرّاً | فكَيفَ تَحُوزُ أنفُسَها كِلابُ |
وَمَا تَرَكُوكَ مَعْصِيَةً وَلَكِنْ | يُعَافُ الوِرْدُ وَالمَوْتُ الشّرَابُ |
طَلَبْتَهُمُ عَلى الأمْوَاهِ حَتى | تَخَوّفَ أنْ تُفَتّشَهُ السّحَابُ |
فَبِتَّ لَيَالِياً لا نَوْمَ فِيهَا | تَخُبّ بكَ المُسَوَّمَةُ العِرابُ |
يَهُزُّ الجَيشُ حَوْلَكَ جانِبَيْهِ | كمَا نَفَضَتْ جَناحَيْها العُقابُ |
وَتَسْألُ عَنهُمُ الفَلَوَاتِ حتى | أجابَكَ بَعضُها وَهُمُ الجَوَابُ |
فَقاتَلَ عَنْ حَرِيمِهِمِ وَفَرّوا | نَدَى كَفّيْكَ وَالنّسَبُ القُرَابُ |
وَحِفْظُكَ فيهِمِ سَلَفَيْ مَعَدٍّ | وَأنّهُمُ العَشائِرُ وَالصّحابُ |
تُكَفْكِفُ عَنهُمُ صُمَّ العَوَالي | وَقَدْ شَرِقَتْ بظُعْنِهِمِ الشِّعابُ |
وَأُسْقِطَتِ الأجِنّةُ في الوَلايَا | وَأُجْهِضَتِ الحَوائِلُ وَالسِّقابُ |
وَعَمْروٌ في مَيَامِنِهِمْ عُمُورٌ | وَكَعْبٌ في مَياسِرِهِمْ كِعَابُ |
وَقَدْ خَذَلَتْ أبُو بَكْرٍ بَنِيهَا | وَخاذَلَها قُرَيْطٌ وَالضِّبابُ |
إذا ما سِرْتَ في آثَار قَوْمٍ | تخَاذَلَتِ الجَماجِمُ وَالرّقَابُ |
فَعُدْنَ كمَا أُخِذْنَ مُكَرَّماتٍ | عَلَيْهِنّ القَلائِدُ وَالمَلابُ |
يُثِبْنَكَ بالذي أوْلَيْتَ شُكْراً | وَأينَ مِنَ الذي تُولي الثّوَابُ |
وَلَيْسَ مَصيرُهُنّ إلَيْكَ شَيْناً | وَلا في صَوْنِهِنّ لَدَيْكَ عَابُ |
وَلا في فَقْدِهِنّ بَني كِلابٍ | إذا أبصَرْنَ غُرّتَكَ اغتِرَابُ |
وَكَيفَ يَتِمّ بأسُكَ في أُنَاسٍ | تُصيبُهُمُ فَيُؤلمُكَ المُصَابُ |
تَرَفّقْ أيّهَا المَوْلى عَلَيهِمْ | فإنّ الرّفْقَ بِالجاني عِتَابُ |
وَإنّهُمُ عَبيدُكَ حَيثُ كانُوا | إذا تَدْعُو لحَادِثَةٍ أجَابُوا |
وَعَينُ المُخْطِئِينَ هُمُ وَلَيْسُوا | بأوّلِ مَعْشَرٍ خَطِئُوا فَتَابُوا |
وَأنْتَ حَياتُهُمْ غَضِبَتْ عَلَيهمْ | وَهَجْرُ حَيَاتِهمْ لَهُمُ عِقَابُ |
وَمَا جَهِلَتْ أيادِيَكَ البَوَادي | ولكِنْ رُبّمَا خَفيَ الصّوَابُ |
وَكَمْ ذَنْبٍ مُوَلِّدُهُ دَلالٌ | وَكَمْ بُعْدٍ مُوَلِّدُهُ اقْتِرَابُ |
وَجُرْمٍ جَرّهُ سُفَهَاءُ قَوْمٍ | وَحَلّ بغَير جارمِه العَذابُ |
فإنْ هَابُوا بجُرْمِهِمِ عَلِيّاً | فَقَدْ يَرْجُو عَلِيّاً منْ يَهَابُ |
وَإنْ يَكُ سيفَ دَوْلَةِ غيرِ قيسٍ | فَمِنْهُ جُلُودُ قَيسٍ والثّيابُ |
وَتَحْتَ رَبَابِه نَبَتُوا وَأثّوا | وَفي أيّامِه كَثُرُوا وَطابُوا |
وَتحتَ لِوائِه ضَرَبُوا الأعَادي | وَذَلّ لهُمْ منَ العَرَبِ الصّعابُ |
وَلَوْ غَيرُ الأمير غَزَا كِلاباً | ثَنَاهُ عَنْ شُمُوسِهِمِ ضَبَابُ |
وَلاقَى دونَ ثَأيِهِمِ طِعَاناً | يُلاقي عِنْدَهُ الذّئْبَ الغُرابُ |
وَخَيْلاً تَغْتَذي ريحَ المَوَامي | وَيَكْفيها مِنَ المَاء السّرَابُ |
وَلَكِنْ رَبُّهُمْ أسْرَى إلَيْهِمْ | فَمَا نَفَعَ الوُقُوفُ وَلا الذّهابُ |
وَلا لَيْلٌ أجَنّ وَلا نَهَارٌ | وَلا خَيْلٌ حَمَلْنَ وَلا رِكَابُ |
رَمَيْتَهُمُ ببَحْرٍ مِنْ حَديدٍ | لَهُ في البَرّ خَلْفَهُمُ عُبَابُ |
فَمَسّاهُمْ وَبُسْطُهُمُ حَريرٌ | وَصَبّحَهُمْ وَبُسْطُهُمُ تُرَابُ |
وَمَنْ في كَفّه مِنْهُمْ قَنَاةٌ | كمَنْ في كَفّه منهُمْ خِضابُ |
بَنُو قَتْلى أبِيكَ بأرْض نَجْدٍ | وَمَنْ أبْقَى وَأبْقَتْهُ الحِرابُ |
عَفَا عَنهُمْ وَأعْتَقَهُمْ صغاراً | وَفي أعناقِ أكثرهمْ سِخابُ |
وَكُلّكُمُ أتَى مَأتَى أبِيه | وَكُلُّ فَعَالِ كُلّكُمُ عُجَابُ |
كَذا فَلْيَسْرِ مَن طَلَبَ الأعادي | وَمثلَ سُراكَ فَليَكُنِ الطِّلابُ |